-->

درويش تائه وعاشقة يهودية في رواية قواعد العشق الأربعون

رواية قواعد العشق الأربعون

بجرأة القرن الحادي والعشرين، دلفت أليف شفق إلى عالم المتصوفة من القرن الثالث عشر ميلادي. الرواية تحكي تفاصيل من حياة المتصوّف الأفغاني الإيراني التركي جلال الدين الرومي. زمن الحكاية قبل وبعد سقوط دولة الخلافة العباسية على أيدي المغول حيث تنتهي الوقائع سنة 1260 ميلادية.

تكنيكيا، يصلنا النص من خلال مسودة رواية" الكفر الحلو" التي أُرسلت إلى الأمريكية إيلا روبنشتاين الساكنة في بوسطن لتقيّمها، فتقع في حب كاتبها العولمي الشخصية، عزيز، المتحول من ملحد يساري إلى مسلم متصوف والساكن في أمستردام.

تنمو علاقتهما رغم أنّها أم لثلاثة أبناء، أكبرهم جانيت في السابعة عشرة تريد ترك البيت، فيما زوجها ديفيد لا يفتأ يخونها. 

من خلال سرد الكفر الحلو ومراسلتهما نعرف قواعد العشق الأربعين تباعا، فيلخص عزيز مفهوم مولانا عن العالم بالقول: 

"كما ترين يا إيلا، كل ما يمكنني أن أمنحك إياه هو اللحظة الراهنة، هذا كل ما أملكه، وفي الحقيقة لا أحد يملك أكثر من ذلك". 

وهو بهذا يردد تصور الرومي عن العالم وتنكشف للقارئ تفاصيل علاقة غامضة بذلها المتصوف الخطيب مولانا للدرويش التائه، وتصل إلى الأمور إلى حدود قصوى، حين تسير الأحداث باتجاه تزويج شمس الدين من ربيبة مولانا الساكنة في بيته " كيميا" العذراء ذات الخمسة عشر ربيعا، ليضمن بقاء الدرويش إلى جنبه.

تدريجيا ينمو الهاجس الحسي لدى القارئ، هاجس محموم يفترض أن علاقة الإيميلات بين إيلا وبين عزيز" كريغ" بدأت تنمو باتجاه التماس الجسدي، كما كانت العلاقة الصوفية الغامضة تثير لدى محيط الرجلين هواجس حسية غامضة.

رواية قواعد العشق الأربعون تتخطى حدود الأديان، والاستقطاب الطائفي الديني العالمي السائد في يومنا هذا، فمولانا متزوج من "كيرا " المسيحية، وقبلها كانت زوجته "جوهر" بهائية، وهو لا يهتم أن تختلف الأديان ما دام المعشوق" الله" واحد.

ففي القواعد الأربعين جاء أنّ: "الإسلام يعني السلام الداخلي وضمناً الاستسلام، والاستسلام لا يعني أن يكون المرء ضعيفا أو سلبيا، ولا يؤدي إلى الإيمان بالقضاء والقدر، بل على العكس تماما". وهو بهذه الطريقة يختلف مع كل ما ذهب اليه فقهاء الإسلام من المذاهب كافة.

بنفس المقاربة، فإن إيلا اليهودية لم تمانع أن تقيم علاقة حب بملحد -مسيحي- متحول إلى الإسلام الصوفي، ولم تمانع أن تتحدى ضوابط الديانة الموسوية الصارمة التي تحرّم ارتباط اليهود بآخرين أو أخريات من خارج ملّتهم بشكل قاطع. لكن تلك التضحية الجسيمة، ومثلها هجرانها لدفء أسرتها الميسورة في "نورثامبتون" ، تفتت على صخرة عجز فرضه مرض العصر السرطان، ولم تتفتت على صخرة علاقة غامضة تربط ديفيد بطرف ثالث. 

شخوص الرواية الأخرى، بقيت في الظل، في ضوء تنامي العلاقة رباعية الأطراف عبر القرون.

روايه قواعد العشق الأربعون رواية جميلة ممتعه تستحق القراءة.