-->

خواطر أشتياق - فراقك يقتلني وقلبي يتمزق!

صورة فتاة تبكي

أحقا إفترقنا ؟، أحقا مات كل من على الارضِ ؟ ، أحقا بقيت وحدي !
أحقا بقيت خلفك ؟، ألصق بعضي من شتاتي فى بعضي !،ابحث عنك فى كل الجهات ، بالطول وبالعرضِ.

أستيقط صباحا، أفتح عيني للحياة وألمح سقف غرفتي ، فأشعر بالالم والاحباط ،لاكتشافي بانني مازلت على قيد الحياة ، وان فراقك لم يكن (كابوس) ليلة عابرة ،وان هناك معاناة ما ستبدأ بعد قليل مع واقع لايحتويك ، فأغمض عيني مرة أخرى.

لاشى بعدك يستحق الاستيقاظ ، لاشيء بعدك يستحق الاستمرار، لاشيء بعدك يستحق شيء.

أمد يدي إلى هاتفي ، أنيره فى عتمة الظلمة ، أبحث فيه عن أي شيء منك ، يمنحني الفرح ، فلاأجد سوى شبح غياب مقيت ، أقذفه بعيدا عني ، وأجلس على سريري ، أنكمش على نفسي ، أضع رأسي على ركبتي ، تغطيني ضفائري كإمراة بدائية ، يخيل الي اني ارتعش امام واقع فراقك ، كطفلة نامت بأحضان والديها بأمان ، واستيقظت لاأحد فوق الارض سواها ! 

أتحرك من سريري باتجاه مرآتي ، أبتسم للانثى التى أراها فى المرآة!

أوشك على سؤالها من هي؟ ، لكني أرتعب حين أدقق فى وجهها ، انها تشبهني!

حتما هى ليست أنا ، هى تكبرني بعشرات السنين ، هى ضفائرها مهملة وانا ضفائري معطرة ، هى على وجهها علامات الحزن والانكسار ، وانا وجهى شموخ الارض كان به ، يرعبنى تخيل انها أنا ، وان فراقك قد تلاعب بعجلة عمري ، فنقلني ليلة الأمس
من ربيع العمر إلى خريفه ، وان صدمة رحيلك قد قذفت بي ، من شموخ الحزن إلى إنكساره.

أهي صدمة الفراق؟
ام هو ذبول الحزن؟
نعم!، انه ذبول الحزن الذى يباغت ربيعنا ذات غدر ، فلا لايبقى منا ولايذر.

ألملم تبعثر شعري ، أرسم على وجهى إبتسامة ، أتقن إختيار أقنعه الفرح قبل الخروج اليهم ، أرتدى أجمل مالدي ، وأغمرنفسي بالعطر الذي ،ارسلته إلي ذات حب ، على منديل حريري أحمر.

هناك يجلس أبا مسنا ، عاش عمره يمنحني الفرح ، وعجوز ضحت من أجل سعادتي بالكثير ، فألقى بنفسى فى أحضانهم بدلال ، وأضحك معهم بصوت مرتفع ، وفى داخلي تبكيك ،أشياء ..وأشياء ..وأشياء!!

أغادر منزلي ، أتجه لزيارة جدتي ، أجلس تحت (السدرة العتيقة) فى البيت الكبير، أتأرجح بأرجوحة ( الحبال) ، فجدتي مازالت تصر على العيش فى منزلها القديم، تقول انها تخبىء فى الجدران عطر جدي ، وانها فى تراب البيت تشم عبير شبابها، فأقبل رأسها وأتجاهل نظراتها لي ، أخشى سؤالها عنك ، فهى إعتادت ان أثرثر بك كلما دخلت عليها ، هى اليوم لم تفعل ، وقد لاتفعل !! ، وأظنها شعرت بكل شيء ، فاليوم حين وضعت رأسي على حضنها ، وطلبت منها ان تحكى لى حكاية( إبنة السلطان)، التى عشقت( أبن الحطاب) .
وضعت يدها على رأسي ، سمعتها تقرأ وتكرر قوله تعالى (ربنا ولاتحملنا مالا طاقة لنا به) ،شعرت عندها انها تخفي دموعها عني، عندها أدركت انها تعلم ، إلتصقت بها أكثر، دفنت وجهي بها وبكيت !

أغادرها، أتجول بسيارتي بلا هدف ، كأني أبحث عنك فى زحامهم ، أسمع أغنية (الاماكن) وأغالب البكاء، وأبحث عن مكان جمعني بك ، فلا أجد !!!

لم تجمعنى بك الاماكن يوما ، لاشىء فى وطني يربطني بك ، ولاشيء فى وطنك يذكرك بي ، فمرورك لم يكن( حولي ) ، كى أغير المكان ، مرورك كان بي !! ، فكيف أغير(بي) ؟!

أتجه الى المكان ، الذى أخبرتني يوما انه سيكون بيتنا ، لانه بقعة الأرض الوحيدة التي تجمعنى بك ، ووعدتك ان لا أمره بعد الفراق ، لكننى مازلت أمر !!! ، رغما عنى أمر !!! ، أتقصى أخبارك ، أمر بهلع أم أضاعت طفلها الوحيد ، فى غابة مليئة بالوحوش المفترسة ، أمر بمرارة عاشقة تسير باتجاه الفصل الأخير من حكايتها ، أمربجرح زوجة تركت زوجها الذى تعشق بصحبة إمرأة أخرى زفت إليه منذ قليل ، أمر بانكسار أنثى خذلتها عند الحنين كل القلوب والابواب والدروب !، فأراك ولاأراك ، أجدك ولاأجدك !

أتجه الى البحر ، أقف فوق شاطىء البحر وحدي ، تخنقني العبرة عند رؤيته ، ويخيل إلي انها أيضا تخنقه ، فكم وقفت على هذا البحر، وكم حدثته عنك ، وكم كتبت اسمك على رماله ، وكم لعبت فى أمواجه ، وكم وقفت فى منتصفه ، وصرخت متحدية فيروز بأعلى صوت ، ماأصغر بحرك يافيروز ، وماأقرب سماك ، أنا أحبه أكبر من البحر وأبعد من السماء ، فاسأل البحر في وطني ان زرته يوما ، كم أحببتك ؟

على البحر أقتطع تذاكر الحنين و أسافر إليك خيالا ، وأتذكرحين قلت لى يوما أنك تحبني ، فصدقتك ، لان مثلك لايقول إلا صدقا،وقلت لى انني لاأغادر ذاكرتك وصدقتك ، لان مثلك لايقول إلا صدقا،وقلت لى انك لم تتركني من أجلها وصدقتك ، لان مثلك لايقول إلا صدقا.
وها أنا أحصي خلفك عدد المرات ، التى قلت بهاو صدقتك ، لان مثلك لايقول إلا صدقا.

أعود إلى غرفتي ، أطفىء أنوار المصابيح ، وأشعل شموعي الملونه ، أملأ محيطي بالبخور ، وأطلق أسر ضفائري ، وأتحول إلى أنثى غجرية ، أزين أصبع قدمي الصغير(بخاتم) صغير، وأضع (الخلاخل) التى أعشقها فى قدمي .

لاأعلم لماذا تدهش صديقاتي ، من عشقي لارتداء (الخلاخل) ، فكل بلد زرته أحضرت لي منه خلخالا مميزا.

أتحول إلى أنثى بكامل زينتها قبل النوم ، برغم يقيني ان روميو لايقف تحت شرفتي،ولاقيس سيأتي كى يقبل جدار منزلي ، ولا الأمير الحمداني سيرسل لى قصائد الشوق من أسره ، انها طقوس غبية إعتدت عليها، منذ ان أدركت انني انثى ، منذ ان عشقت نزار وأنثى نزار، منذ ان عاهدت نفسي ان أدللها إلى ان يأتى من يدللها ، كم تمنيت ان أتخلص من هذه العادات الغبية ، التى تثير إستيائهم ودهشتهم من حولي ، وتشعرنى انى إمرأة من كوكب آخر، لكني فشلت، لأن (أنا) لايمكنها ان تكون سوى أنا.

يتضخم الحزن فى داخلي ، فأبدأ بممارسة هوايتى الغريبة للهروب من الحزن.

هى عادة رافقتني منذ إلتصقت بي ( لعنة الحزن ) ، فكنت كلما شعرت بالاختناق،وأردت الهروب من التفكير قبل النوم ، أرقص بجنون غجرية مجروحة ، حتى يرهقني الرقص ، فأرتمي فوق سريري مرهقة فأنام بلا تفكير ، لكن ، تغيرت أشياء وأشياء بعد رحيلك ، ماعاد الرقص يرهقني ، وماعدت أنام.

أجلس فى ركن قصي فى غرفتي ، أستند إلى الجدار، وهاتفي النقال بيدي ، أقلب صندوق الرسائل به ، أقرأ قديم رسائلك ، تستوقفني رسالة أرسلتها لى ذات حب، تقول : ( ............... ) فأبتسم بألم ، وأضع وجهي بيدي وأبكي شوقا إليك .

أجلس فوق سجادة صلاتي ، أرفع يدي للدعاء بنسيانك ، أتراجع يرعبني نسيانك، فمن نفس هذا المكان ، رفعت يدى ليال أدعو الله ان تكون لى ومعي ، ومن نفس هذا المكان ، دعوت الله ان تكون أسعد خلقه فى كونه ، ولم أستخره بك يوما ، كنت أخشى ان تكون شرا، فيبعدك الله عنى !!! ، فأنت لم تكن شيئا عاديا فى حياتي ، لم تكن إحساسا عابرا، لم تكن مرضا يمكن الشفاء منه ، انت كنت فى عمري ، شيئا يفوق عمري !!

وهاهو عمرى يخلو منك ، وهاهو عمرك يمتلىء بها.

ترى ؟!

هل غاب من عالمك عطري ؟ ، هل إحتفلت معها بعودتها بعد غياب اليك ؟
هل أحببتها حد نسياني ؟ ، هل إقتربت منها حد خيانتي ؟ ، هل مازلت تتمنى ان تزفني إلى آخر ؟ ، فى ليلة تسمى ب ( لعنة العمر) ، فأجلس بجانبه ، وبينى وبينه تجلس أنت.

ترى ؟!
كم سنة يجب ان أغمض عيني وأنا معه ؟؟ ، حتى أتقبل انه ليس أنت.
أعود إلى فراشي ، أضم صورتك إلى قلبي ، وأغفو، علني فى الغد أفتح عيني
فلا ألمح سقف غرفتي !!

أقرأ المزيد