-->

أجمل مقتطفات من رواية أنثى السراب واسيني الأعرج

رواية أنثى السراب لـ واسيني الأعرج، قياس واضح لحالة الإنشطار التي تتعرض لها المرأة العربية نتيجة تجارب حياتية قاسية واضطرابات نفسية، تمزق شخصيتها باحساسها بالإضطهاد والشيزوفرينيا، لا حدود فيها تخشى أن تتعدها ولا نقطة حمراء تقف عندها.
أنثى السراب

نبذة عن رواية انثى السراب لـ واسيني الأعرج

رواية أنثى السراب هي أحد أشهر أعمال الكاتب الروائي والأكاديمي والأديب واسيني الأعرج، وتحكي عن قصة حب امتدت لما يُقارب الربع قرن بنفس قوة العلاقة وعنفوانها، على الرغم من أن كل طرف من طرفي العلاقة له حياته وعالمه الخاص. رواية الحب المستحيل ، علاقة حب ثلاثية ( سينو، ليلى/ مريم ) رواية مواجهة الذات ، مواجهة الحقيقة المتخفية ، رواية الصرعات النفسية المتجذرة بين ما نكونه علنا وما نخفيه سرا.

واسيني الأعرج: "الحب هو أجمل إكتشاف للإنسان وإلا لكان مجرّد صخرة لا شيء يحرّكها سوى التآكل اليومي. الحب هو أيضاً تآكل عندما يخلو من الإبداع المستمر، هو معنى المعنى لحياة جافّة لم تعد تحفل بارتجافاتنا الخفية أمام لحظة حب مسروقة, أو أمام لون وجه نكتشفه للمرّة الأولى".

ملخص رواية انثى السراب واسيني الأعرج

بطلة الرواية " ليلى" تقرر في ليلة وهي تمارس عزلتها المعتادة في مكانها المخصص والذي كانت عائلتها تطلق عليه اسم الكهف، بينما هي سمته: " السكريتوريوم " تمارس فيه عزلتها من أجل الكتابة.

في عزلتها تلك من ليلة طويلة تقرر التخلص من غريمتها "مريم" التي غير "سينو" اسمها وهو ينقل رسائلها في اعماله الروائية على بطلات رواياته، هذا الاسم والذي استمده من طفولته،" ليلى" الفنانة عازفة الكمان في الفرقة الفيلهارمونية لأوبرا وهران حبيبة الروائي "سينو" ، قصة حب عاصفة كُتب لها أن تعيش على هامش روتين الحياة الزوجية لكليهما، "مريم" هي الظل او هي الأقنعة الأدبية المتكررة لـ "ليلى" الحقيقية.

يأخذنا الكاتب من خلال( 552 ) صفحة لنعيش هذا الصراع النفسي والذي يمتد زمنه ليلة كاملة حتى صباح اليوم الموالي ، يبدأ هذا الصراع بتذكر مقطع من رسالة كتبتها لسينو.

امنحني فقط فرصة قتل مريم فيك لكي استطيع أن أعيش معك بقية عمري حرة، مثلما أحلم ، ولا تسألني لماذا؟ الإجابة لم تعد اليوم تهم كثيرا ، لك الاجابات كلها ، في ربع قرن من الخوف ، والصمت ، والأقنعة، التي أستطيع اليوم أن أفتح متحفا خاصا بها، ربع قرن من الصبر والخوف 

"ليلى" البطلة الهشة والتي ارهقها أن تكون امرأة الظل المتخفية وراء شخصية افتراضية عرفها جميع قراء سينو قررت وضع نهاية لندها وكشف المستور بنشر كل الرسائل التي كانت بينها وبين سينو دون تبديل أو تغيير كما كان يفعل هو خلال ربع قرن مضى.

تفتح "ليلى" صندوق الرسائل المتبادلة بينهما، و تضع مسدساً على الطاولة، إلى جانب الكمان، وتقرير تحاليل الرحم الذي ستعرف نتائجه في صباح الغد، "ليلى" كانت ترى أن غريمتها مريم استولت على هويتها ومكانها في قلب وحياة سينو، بينما يحاول سينو إقناعها بأن حضورها الافتراضي والمقنّع في رواياته ضاعف حضورها في حياته وخصّب هويتها الحقيقية وكمل بها ما كان ينقصها.

نهاية الرواية كانت تراجيدية ، عندما تخرج ليلى من البريد المركزي بعد أن اودعت ظرف مخطوطتها لترسلها للناشر. تجلس على السلالم تقرأ تحاليلها لتكتشف أنها مصابة بسرطان عنق الرحم، ثم تشم ليلى عطراً تتوهم أنه عطر غريمتها ( مريم ) فتبدأ بملاحقتها للإنتقام منها ، حيث اختلط عليها الواقع بالوهم وبالجنون مما يجعلها تتخير صورة مريم مجسدة في امرأة العطر فتشعر الإختلاط وفقدان البصيرة فانطلقت كالمجنونه بين حشد الناس والمسدس بيدها رافضة أن تمتثل لأوامر رجل الشررطة الذي كان يأمرها بالتوقف وإلقاء مسدسها ، مندفعة إثر عطر مريم المتخيل عطر أنثى السراب ، لتلقي في النهاية مصيرها التراجيدي الفاجع من جراء الإطلاقات الكثيرة التي أطلقها الشرطي وتسببت في تفجير الدم من صدرها ودخولها في غيبوبة عميقة ( ربما هي غيبوبة الموت ).

اقتباسات من رواية أنثى السراب

1. كم أحبكِ وكم تزدادين بُعدًا في هذه الدنيا الظالمة، شيء ما يقودني نحوكِ بشكل أعمى كلما اتخذت قرارًا بترككِ وبعدم الحديث معكِ نهائيًا. أريد بالفعل أن أرتاح منكِ وأن تتخلصين منّي نهائيًا لكي نعرف كيف نعيش. ماذا فعلتِ لي؟ ما سركِ؟ ماذا أكلتُ من يدكِ أو من جسدكِ أو من روحكِ؟ أشتهيكِ إذ أترككِ. أخاف عليك ِمن حماقاتي وارتباكاتي وأنا معكِ. لا أعرف لماذا أفتح أبواب الكوابيس والأحلام وأفتش عنكِ في أكثر الزوايا ظلمة علّني أجدكِ وأوشوش في أذنكِ أحبكِ.

2. هكذا نحن دائما . عندما نلتقي في حاضرنا، نحرقه بالأسئلة عن الماضي ونرهقه ، وعندما يصير هذا الحاضر ماضيا نتشوق له ولأصغر تفاصيله ، بحنان كبير . أعتقد أننا أصبحنا مرضى بماضينا وربما بحاضرنا المريض أيضًا.

3. أكتبك بلا ندم، باللون البنفسجي، أو حبر الشهوة، كما كنت تسميه دائماً، فقط لأملك قلبك للمرة الأخيرة.

4. الموت استعداد بطولي، ويومها لم أكن مستعداً للتخلي عن الحياة. كانت هي رهاني الأخير. لم يكن لدي شيء أخسره. فجأة نبت في دماغي يقين غريب، وهو أن ساعتي لم تحن بعد، وربما أن كل ماحصل لم يكن في النهاية إلا "بروفة" اختبارية.

5. انتظري قليلاً أيتها العزيزة، لي سر في القلب أريدك أن تسمعيه، لا أملك أن أقوله لك بصوت مسموع، سيوشوش قلبي في أذنك بعد قليل.

6. أحتاج إلى دربة كبيرة لكي أصل إلى الكلمة الصغيرة التي تتراقص فوق لساني وتخاف من أن تخرج، وأن تتنفس قليلاً هواء الطبيعة.

7. عندما رأيتني حزيناً، قلت: تعال. قلتُ لك إلى أين؟ قلت: أسوأ سؤال يطرحه رجل على امرأة تسرقه هو: إلى أين؟ لاتكن غبياً.

8. أغمض عينيك قليلاً فقط وبعدها افتحهما بهدوء، وتركتك تقودينني. لم أشعر بطعم قبلة مثلما شعرت به في تلك الليلة.

9. لم أعد قادراً على إغلاق القلب على كذبة الأخوة والمثل العليا التي سطرناها بغباء أنا وأنت. فقط لنتقن ربط أنفسنا بشيء كان كل يوم يزداد انغلاقاً مثل الكماشة. لقد كثرت الحواجز التي وضعناها في مسالكنا، وعلي الآن تكسيرها واحداً واحداً إذا منحتني بعض الحق على قلبك. حتى ولو قضيت العمر كله ضائعاً في التفاصيل الحادة، كمفكك ألغام.

10. رسالة الحب الأولى قد تكون هي الرسالة الأخيرة عندما تصادفها الموانع، وقد تكون فجراً لشوق سيندفع كالبحر.

11. رسائلنا، هي حياتنا المخبوءة ودليلنا في ظلمة مسالك هذه الدنيا القاسية، نورنا في مسارات اليأس والاستحالات المفجعة. أسألك اليوم وأنا أقراها للمرة الألف، عن حجم الخسارات التي ارتكبتها في حقنا.

12. قد يكون ذلك بعض جنوني أو كله، فأنا لا أتذكر يوماً كنت فيه عاقلة.

.

13. ربما كان الزواج خسارتنا الأولى، ولكنه كان أيضاً تجربتنا العظيمة مع الحرية. لم نخسر يا عمري سوى قيود الخوف واليقين الزائف. قد تبدو علاقاتنا الفوضوية والهامشية حالات مرضية، وخيانات نستحي من ذكر اسمها، ولكنها تحديداً اصرار يائس من استرداد حرية افقتدناها قبل سنوات، ونعوض الخسارة، بخسارة أفدح.

14. ما زلت، على الرغم من الكسر العميق ومصيدات الموت التي أصبحت متعددة؟، وربما لا تحصى ، قادراً على حبك والانغماس في الجنون القديم نفسه، لسنا بعيدين عن بضعنا البعض، كما يبتدى لك، إلا بالقدر الذي يمنحنا فرصة لتخيل جنون جديد، نلتقي مرة أخرى من أجله.

15. أنتظرك على هامش أجمل وأخطر حافة في الحياة، الحب، بشوق كبير.

16. في عمق الكهوف نشأت كل الممنوعات التي غيرت وجه العالم، القرآن في غار حراء، مقدمة بن خلدون في مغارة افرندا، مغارة سرفانتس التي خرج منها أجمل نص وأخطره ضد محاكم التفتيش المقدس. سيدنا موسى نفسه، قضى زمناً ينتظر في مغارة ويبدو أن سيدنا المسيح عندما سيبعث ، ستبدً من مغارة أيضاً. مصير البشرية كلها، معلق على مغارة بحجم الخوف.

17. ما زلت أؤمن أن أكبر خيانة تمارسها امرأة، هي أن تنام في حضن رجل لا تحبه، وأصعب فاحشة أن يفتح رجل قلبه لامرأة هو أول العارفين بكذبته. ولاشيء بينهما إلا ورقة ذابلة مثل قلبيهما وقبلهما. زنا يمارس كل ليلة على مرآى القانون والله والبشر باسم وثيقة عاجزة عن توفير قبلة صادقة.

18. أراك بكل تفاصيلك تحت ألوان "اللمبة" البنفسجية وأنت تتضاءلين حتى تصبحين ضوءاً أو غيمة عارية.

19. واش تحب نقول لك؟ لا أحبك يا مهبول، ولكني نموت عليك" اسحب سؤالك الغبي قبل أن أغير رأيي، فهو يؤذيني. إذا لم تر ذلك في عيني ، فكأنك لم تر شيئاً، بل لم تفهم شيئاً من هبلنا الجميل. كل شيء في جسدي يركض نحوك، حافي القدمين، باحثاً عن المبهم الذي يهرب في عينيك، نحبك ونموت عليك.

20. بكيت لأني يومها شعرت أني خسرت نداءاً نقياً كان يحفظني من الانكسار ومن نفسي، حتى وهو في أقاصي المرض لم يمنعني من موسيقاه.

21. إلى آخر يوم من حياتي سأظل أتذكر لماذا ركب رأسه وتنازل عني لغريم لم يكن شيء يجمعني به سوى رغبته في الزواج مني. ما الذي كان يمنع واسيني من أن يغمض عينيه ويتركني أقوده نحو مرفأ كان مؤهلاً لأن يمنحنا الحياة؟، لكنه لم يسمع إلا لأنانية متوغلة في أعماقه كسرت كل نور في عينيه وعيني، وسحبتنا شيئاً فشيئاً نحو مرفأ مظلم.

22. دعني من هذا الخوف الذي يكبر كل يوم قليلاً، واتركني معك أيها المجنون.

23. لن أكلمك لأحصل منك على جواب، فهناك الكثير من المآسي في الحياة تكفي لوحدها كجواب، وأي اجتهاد بعد ذلك هو كلام زائد.

24. لماذا تركتني أذهب نحو الحماقة مفتوحة القلب والصدر؟ ألم يكن بإمكان طولك وقامتك أن تسد في وجهي منحدرات الانزلاق؟ لماذا تركتني أذهب مغمضة العينين نحو حتفي؟ لماذا خفت سحرك عندما أخبرتك بأني سأتزوج؟ ربما لأنك كنت تريد أن تحل عقدة ضميرك نحوي وتتخلص مني. وتقول "ماعليش" هذا خيارها، وما علي إلا أن أقبل به. كنت تكذب على نفسك، وأنت تعرف هذا جيداًَ.

25. أحملك الخراب الذي لحق بسعادتنا. ماذا لو تزوجنا؟ ستقول لى بفلسفتك الوجودية المعهودة: لم نتفق هكذا على تقييد حرياتنا؟ ماذا يساوي الكلام أمام الخسارات الكبرى التى لا تعوض؟ لا شيء. نعم لا شيء. أنا أعرف أنك كنت تكابر وأن قلبك كان منكسرا وأنا أخبرك بعزمي لأحرك غيرتك. كنت أشتهي أن تلعنني؛ أن تضرب رأسك على الحائط. أن تمزقني وتنزع أطرافي مثل اللعبةء أن تأكلني إذا شئت» أن تنعتني بكل النعوت التي تشتهي ولكن أن تقول لي كلمة واحدة ة فقط: أحبك . في حاجة ماسة إليك . ابقي أرجوك . أو حتى لا ترجوني»› لست في حاجة إلى الاعتذار. آه لو فعلت ذلك لتركت كل شيء بدون أدنى شك.

26. عندما أحببتك لم يكن لدي حلم آخر سوى البقاء معك حتى الموت. الزواج!

27. ياه؟ ما أقسى صمتك. ماذا يجب أن أفعل لأقنعك أنك تملأني ، وأنني أريدك وأشتهيك، ولكني أرفض أن أكون امرأة موسمية. صحيح أني امرأة أنانية ولكنها تحبك. لا تنس هذا. لماذا تبخل علي بشيء يمكن أن يمنحه لي أي رجل. يكفي أن أرفع اصبعي، لكني أريد كل شيء منك لأني أحبك.

28. أعترف لك اليوم أيها الغالي بصحة قولك الذي يغتال ذاكرتي كلما اشتهيت أن أنساك: "إذا بقيت على هذه السيرة ستضطرين إلى الموت وحيدة".

29. أيها الغالي، حبيبي الذي صنعته من دفء الروح ومن خبايا القلب المرتبك، إلهي الصغير الذي شيدته من الخيبة والصدفة والقلق، اغفر لي. لم يبق أمامي إلا البحر، أضع فشلي بين يديك، وأقول لك أعرني بعض الشجاعة لأعبر هذا الهول. 

30. اعذرني، ليس أمامي سوى أن أظل معلقة فيك حتى النهاية.

31. أشهد أني فشلت في أن أكون زوجتك التي حلمت أن تمنحك طفلين جميلين مثلما اشتهيناهما، ولا أريد منك الشيء الكثير سوى أن تستمع لذعري الداخلي من حين لآخر.

32. موجوعة بك أيها المجنون الذي لا تستطيع امرأة فهمه مثلي.

33. أقول لك وأنا أضع الأملاح على جراحاتي لكي أتمكن من تحمل قسوتها ليلاً عندما ينفتح كل شيء نحو المبهم، وحتى لاتصير واسعة وعفنة وتصبح مداواتها مستحيلة: " لم يكن من حقك خسراني بتلك البساطة، ولم يكن من حقي توريطك في نفق عظيم أدركت سخافته قبلي".

34. كم أنا مرهقة وحزينة من أجل نفسي وللوضع الذي آلت إليه حالناء وحزينة جدا من أجلك، لأن رأسك يابسة كالحجرة. الحب ليس فقط ما نشتهي، هو ديمومة، ربما هذه قوته ومقتله، الذي علمك كيف تحب» لم يعلمك كثيرا كيف تحافظ على أشواقك حتى النهاية، ستقول لي "الحب مثل الكائنات الحيةء له بداية وله نهاية". المشكل ليس هنا ولكن فيمن يصنع هذه النهاية. لماذا نزاحم الأقدار في حماقاتها؟ لماذا نقتل شيئا بإمكاننا أن نحافظ عليه ما دمنا نحب بعضنا بعضا؟ هل كثير علينا أن نكون مع بعض؟

35. صعب أن ترهن عمراً بكامله لحساب رجل هو مجرد غيمة هاربة. تمنحك إحساساً قوياً بالحياة، ولكن بمجرد أن تلمسها، تنزلق من بين يديك لتصبح مجرد سراب لا يقر على قرار.

36. حبيبي، كم اشتهيت أن أشبهك في غيك وهبلك وامتهن حرفة الكتابة بلون الشهوة، اللون البنفسجي، ولكن كل شيء هنا صار رمادياً ومراً، لا غيم يكفنه إلا السواد المستشري.

37. لاتبحث عني حبيبي، فأنا منغرسة فيك مثل الحلم الشقي، الذي لا يتوقف ولا يعرف نهاية.

38. يجب أن نلتقي كي لا نموت شوقاً. لو لم أرك ولو في ليال خاطفة وساحرة، لاشتعلت الحرائق فيَ. أنا جد ممتنة لقدر يمنحنا صدفا نصنع بها عرساً من النور، وعرشاً من الفرح المؤقت، وننسى أن موتاً ينتظرنا في الطرقات وفي المسالك العصية.

أنثى السراب واسيني الأعرج

39. أريد أن أنسى كل هذا الرماد الذي يلفني، ولا أتذكر شيئاً غيرك.

40. أيها العزيز على القلب والذاكرة. أفتقدك كثيراً داخل هذا الفراغ المهول بحجم وطن. أحبك، ولا أدري لماذ عليك أن تتحمل حماقاتي الكثيرة. أنا أعرف أخطائي جداً، أحبك.

41. أنت تدفعني بقوة صمتك إلى ملامسة النار كالكاهنة وسط أدخنتها المقدسة، وقطف تيجانها، ووضع شعلتها داخل كفي أو قلبي.

42. من قال أن الخواء سهل؟ إنه الفترة الوحيدة التي نسمع فيها تكسر كل الأشياء الثمينة في دواخلنا. أحياناً أقفز من نومي كالمذعورة أبحث عنك. أينك؟ أين تختبىء الآن؟

43. أهدىء عصفور قلبي. أصمت وأنا أتأمل سقف هذه الغرفة الصغيرة. أستحضرك كاملاً، لا أستطيع تحمل كل ذلك وحدي.

44. نستطيع أن نركع كل شيء، أن نسرق نبضه وحياته، إلا القلوب فهي لأصحابها.

45. أشعر أحياناً وأنا أقرأ كتابتك، أن بعض جملك مهداة إلي مع أنك لم تقل لي ذلك أبداً. رسائلك وكلماتك تؤنسني، وتبعث في القوة كلما وهنت.

46. اكتشف فجأة كم أنا وحيدة في هذه الدنيا، قد لايكون ذهاب شخص مهماً، كلنا نذهب يوماً، لكن ما يتركه من فراغ مهول، يحتاج إلى زمن طويل لترميمه، هل العمر يسعف بعد كل هذا الزمن؟

47. أرأيت حبيبي؟ الدنيا ليست بكل تلك الظلمة التي تلفنا أحياناً داخل غطاءاتها الشرسة، مازالت فيها فسحة لعشاق لا أحد يعرف قلوبهم المليئة بالنور.

48. حبيبي، هل تدري أن اكتشفت اليوم سراً خطيراً، تريد أن تعرفه؟ لا أحبك.. قلت لا أحبك؟ الحب شيء عادي يعيشه البشر بشكل يومي ومكرر حتى أصبحت الكلمة لاتعني الشيء الكثير. ربما تكون قد مارسته أو قلته على الأقل لأكثر من امرأة.

49. أعرف أن حربي ليست مقدسة، وليست حتى عادية، ولكنها عادلة.

50. أليس جنوناً أن أنتظرك وأعرف سلفاً أنك لن تأتي.

51. هل تدري أن غيابك متعب، مثل الفجوة العميقة التي لا يمكن ترميمها؟ صوتك انطفأ وأبوابك مغلقة! لقد جربت فتحها ولكني لم أفلح، فزاد إحساسي بالاختناق والوحشة. وأخشى من الزلل القاتل، لأنه كلما زاد شعورنا بالضيق، توافرت بقوة إمكانات الخطأ والانزلاق المميت.

52. سيني الحبيب، لا تؤاخذني على كلامي السابق، كنت فقط أريد تذكيرك أني مازلت هاهنا، بالضبط بالقرب من نبض القلب حيث لا يمكننا الكذب على عواطفنا، فقد منحت قلبي كل الضمانات التي كان ينتظرها، وهذا وحده كان كافياً لكي أسقط بين يديك كقطرة المطر الأولى المليئة بالصفاء والعفوية والشوق.

53. المطر ينزل في الخارج، بارداً وقاسياً وشجياً، لكني أشعر بدفء خاص كلما اجتاحني وجهك الجميل الذي لم يتخلص بعد من دهشة الطفولة والطيبة العفوية.

54. ها أنا ذي أشعر بكل أغاني المدينة المسروقة تأتيني دفعة واحدة في فيينا. مثل يقول : "إذا أحببت، لا تضيع وقتك في تعداد الخسارات الهامشية لأنك ستضيع الأهم"، ممتع أن تحيا أولاً وتحسب فيما بعد، وأنا أحببتك ولهذا ليس في نيتي، أن أخسر ما تبقى.

55. لاتنسى أبداً أن هناك في الظلمة القاسية، ثمة امرأة تحبك، تنسج كالفراشة، من خيط الظلام الأسود والطويل جداً، ونار الشعلة المتقدة، حداداً هادئاً وأملاً صغيراً للقاء بك ذات يوم.

56. أخاف فقط من الصدفة القاتلة التي تخلط كل الأوراق الأكثر ترتيباً وتعريني وتعريك معي.

57. هل تعرف أنك أهبل رجل عرفته في حياتي؟ صحيح أني لم أعرف الكثير ما عدا سلسلة المجانين الذين تحدثت لك عنهم، ولكن مع ذلك أنت وحدك وحق ربي وحدك، ولا أحد يضاهيك حبيبي؟ شيء فيك يستعصي على مقاومة أية امرأة مهما كانت.

58. أيها المهبول، ألا تخاف علي وعليك؟ ترميني هكذا في جحيم الموت كأية أضحية فرعونية توضع في قارب خال من الحياة، وتُترك وحدها، في مواجهة الموت.

59. أشتهي أن أتعلم كيف أكون مجنونة في عينيك بدل أن أكون عاقلة في عيون الآخرين.

60. كيف أجدك أيها الهارب من غيمته وجنونه؟!

61. سافر ودعني أعيشك كغيمة أحلم كل ليلة بلسمها.

62. امرأتي الهاربة من حلم مجنون، افتحي عينيك على وسعهما ولو لمرة واحدة في حياتك، وسترين أن الدنيا جميلة وتستحق أن تعاش. جربي فقط وسترين. أنا ما زلت هنا، في المكان الذي تركتني فيه في آخر مرة، عند المنعطف المؤدي إلى اللاجدوى أو إلى الجنة، لا أدري. أنتظر بأمل كبير رؤيتك.. أنتظرك.

63. معذرة أيها الحبيب الغالي، أنا دائماً أخطىء حيثما أريد أن أكون استثنائية في حبي لك، لا تزعل مني. تحمل حماقاتي كما فعلت ذلك دائماً، من جهتي لا أفعل شيئاً مدهشاً ولكني أحاول وسط هذه العزلة أن أجعل الحياة ممكنة التحمل. وأن أقبَل السنة الجديدة مائة قبلة، ألف، مليون. وأبعثها لك مع الفجر القادم.

64. ساخنقك بلا تردد. وحياتك سأخنقك بأطول قبلة في الدنيا.

65. مهبولي الرائع، حلمي الأكبر والأوحد في دنيا لا تمنحنا كثيراً من الحظ لنحلم، ولكنها كانت سخية معي حين وضعتك في طريقي.

66. ماذا أقول أمام دهشتك الجميلة، يخرب بيتك. لقد جردتني من كل أسلحتي ولم تترك لي أية سلطة لكرهك أو نسيانك.

67. أي امتحان يضعنا فيه الله وهو يعرف أننا أضعف من أن نواجه أشياءه الجميلة بعيون مغمضة، وأنت أجمل ما منحني في حياتي.

68. ربما أتعبتك الدنيا فلم يعد فيها شيء يثير شهيتك، بما في ذلك أنا، ربما! لن أعترض، لسبب بسيط هو أن رهاناتي مع الله كانت قاسية، فقد طلبت منه فقط أن ينقذك من موت رأيته يركض نحوك بأقصى سرعة، وبعدها سأتحمل كل شيء، حتى فراقك. طلبت أن ينقذك فقط.

69. إذا كان لديك شيء ما يشغلك أخبرني به وسأؤديه لك. فأنت لست بعيداً عني إلا بمسافة نبضة قلب فقط، حتى ولو طلبت مني أن أقول لأمرأة ما، أنك تحبها وتشتاق إليها، سأفعل!، " عجبتك هذه؟ جاتك على قلبك؟ " لا تصدق والله ناكلك، وإذا فعلتها من ورائي، سأستقل أول طائرة إلى باريس في مهمة نبيلة لخنقك أمام الملأ بأطول قبلة وأشد ضمة.

70.المنفى ليس لعبة مؤقتة نفككها ونرتبها كما نشاء. حقيقة مرة. تنام في عمق كل الأشياء الحساسة. تأكلنا الحياة، ولكن عندما يطل علينا الموت من شقوق النوافذ، تقفز في أذهاننا أرضنا الأولى، حبنا الأول وتربتنا الأولى ، وحتى حماقاتنا الأولى.

71.لست غاضباً عليك، ولكن امنحيني فقط بعض الزمن لكي أُخرج ما في قلبي وذاكرتي من شجن، لتعرفي فقط أن الولد العاق الذي يحبك يريد أن يكون جديراً بك، فهو لا يحمل من الأسرار شيئاً آخر سوى ما يقوله لسانه، تحمليني لوقت ثم انسحبي إن شئت بعد ذلك.

72.أي ألم أيتها الغالية نشعر به ونحن نخسر فجأة، وبلا مقدمات مهدئة، حياة بكاملها بنينا عليها كل أحلامنا وأشواقنا، ونفتح أبواباً جديدة من الخوف، لا نعرف أبداً ما يتخفى وراءها من هزات عنيفة وأسرار لن نتحمل وقعها طويلاً.

73. إننا مجبرون على إدمان أقراص الأمل حتى لانموت بالشهقة القاتلة، وحتى عندما يتحول الأمل مجرد حلم نتشبث به في الفراغ.

74. ماذا أقول؟ تقولين : "تكلم، فأنا أتلذذ بالاستماع إلى أبجدياتك الخائفة"، ها أنا ذا أقول: "هل أستطيع تخيل لحظات الفاجعة في غيابكِ؟ إني أشعر بحريقك أنتِ التي تعيشين لقلق عظيم اسمه الخيبة، ينزلق بين الرعشة والرعشة ، والخوف والخوف، والدهشة والدهشة، تفتحين النافذة لتنسي شطط الخسارة القاسية، أتخيل حجم الحرائق التي تنشب في داخلك الذي جففته الأحزان، أي حياة. رجل أعشقه وهو مستحيل، لا ألقاه حتى في الحلم بحرية، ويوم التقيت به انزلق من يدي كالظل الهارب! لا بد أن يكون في هذه الدنيا شيء يسير بشكل معكوس"

75. حبيبتي وفقدي الكبير،أتمنى الآن أن لا أسألك مطلقاً وأن أعوض كل سؤال برعشة قبلة، لمسة يد، إشراق ابتسامة، أتبعثر كلما سمعت قطعة موسيقية شفافة، أو غرقت في لون بنفسجي، أو صاحبت في الطيران نورساً هارباً من صياد أعمى، كان يتأمل البحر من سماء كلما عبرها شعر بعمقها واتساع فراغها.

76. عمري، أحبك، كل شيء في الدنيا يقودني نحوك. ولا أعقتد أن الأقدار تلاقيني بمن هو بقدر سماحتك وغناك الداخلي وألقكِ ورهافتكِ، سأفقد فيك حباً لا يتكرر دائماً، ولكن يبدو لي لست مؤهلاً لأن أكون زوجاً جيداً، ثم لا شيء يقيدك بي، أنت الآن حرة، افعلي ما تشائين.

77. هكذا الدنيا عمري، لاتحزن كثيراً. منطق الأقدار وسطوتها أقوى من أي شيء نحسب، ونحسب، ثم نحسب، ونعيد الحساب لكي نقلل من فجوة الخسارات، ولكننا ننتهي دائماً تحت سطوة قسمتها وجمعها وطرحها، هي سيدة القرار في النهاية. إهدأ حبيبي، وانظر للأشياء كما تعودت أن تفعل. ألم تقل أن لاشيء يستحق أن نحزن من أجله.

78.ياااه، كم تنتهي الأشياء الجميلة بسرعة مخلفة وراءها جرحاً نازفاً بفرح.

79. ما أقسى قلبك على طفلة حمقاء أحبت مجنوناً مثلك! ألم ينتبك إحساس الرغبة في توديع ذاكرتك قبل أن يفاجئك الزمن الساحق؟

80. احملني فقط في قلبك وٍسأحملك أنا أيضاً في قلبي كل ما تبقى من عمري. لاتهتم، الباقي سيأتي من تلقاء نفسه، كلما أغمضت عينيك على وجهي، وجدتني أمامك، أسحبك نحوي بابتسامة ملعونة، أدفعك نحو شلالات النور، وأغرقك في عرس من الألوان، وأملأك بعطر البحر، لأراك في أبهى شهواتك.

81. أحبك، لا أعتقد أن هناك كلمة أكثر جمالاً وأكثر خراباً منها.

82. أ ... حـ ... بـ...ك. أربعة حروف مختلفة وملونة، قادرة على منح الدفء إلى ملايين القلوب المتعبة، وعلى إشعال حرائق لا حدود لخرابها في النفوس.

83. لا تحزن ياعمري عليَ، لقد تجاوزت مرحلة الخطر، لأني بكل بساطة انتفيت وبدأت أتحلل وأتحول إلى نثار، لي أحلام، كل الدنيا لا تكفيها، أحتاج إلى حياتين متوازيتين لكي أكمل رحلتي.

84. هل لي أن أقول لك حبيبي، إني شعرت بنفسي فجأة أني ليست أكثر من غيمة هاربة، وأنك لم تكن أكثر من سراب.؟ قاس هذا الكلام! ولكنه أيضاً حقيقي.

رأي - أنثى السراب روح تحتضر

أحيـانا ينتابني إحساس بأن رواية أنثى السراب ليست إلا روح تحتضر بأناقة فائقة فتزهق أنفاسها لتعتصر أبجديتها بحروف تجيد رسم الشعور بعميق مكنونه، بدقة عجيبة لا يخطئ الحس المقصود أبدا، تختزل الكثير من الوجع الذي لازمها في مخاضها قبل ولادتها بزمن هو كمقصلة لكل الذكريات التي تلتحف بها!

أحداث الرواية قليلة مقارنة بما نقلته الرسائل من صراعات نفسية وأسفار وأوضاع سياسية واجتماعية مختلفة.

رواية أنثى السراب هي لعبة سردية تخييلية، او دعوني أقول أن الكاتب وظف لعبة الميتا سردية في بناء روايته بذكاء مما جعلنا نضيع الفواصل و الحدود بين المؤلف واسيني الأعرج و بين الرواة و الشخصيات، لأنه زج باسمه و شخصيته داخل التجربة الروائية، بوصفها طرفا أساسيا في لعبة شد الحبل هذه، فقد أراد الكاتب كتابة نفسه بكشف الستار عن حياته، عن مجتمعه، عن بعض آرائه عن طفولته وعائلته، بطرق ذهنية بارعة.

وقد بدأ مشروع ليلى نزالاً مع الموت الذي هدد الكاتب. ففتحت صندوق الرسائل التي تبادلتها مع سينو، وكانت خلالها امرأة الظل والصمت والورق، كما تقول. قررت ليلى نشر الرسائل بلا نقصان، وليس كما فعل سينو في رواياته «بعدما مارستَ عليها سلطان الرقابة وذوبتها في فعل الكتابة». فالرسائل، بوصف ليلى، كانت فراش العاشقين السري الوحيد، وحياتهما المخبوءة، ودليلهما في ظلمة مسالك الدنيا القاسية.

أيضا قصة عثور الكاتب على قصة ألف ليلة وليلة وكيف غير هذا الكتاب قدر واسيني ووضعه في مسار التأليف بدلا من مسارات أخرى، والعشرية السوداء حين تضمن اسمه القائمة السوداء وانتقاله لفرنسا، وحياة المنفى التي عاشها، أحداث كثيرة عاشها الكاتب او عايشها محطات مهمة منها ما كنا نعرف بعضه من خلال ما رواه عن سيرته ومنها ما كنا نجهله فعرفناه من خلال "أنثى السراب" فهي طريقة مبتكرة لسيرة ذاتية لكاتب عظيم لعب معنا لعبة التخفي بذكاء.

ويمكن ملاحظة أن الكتابة الميتا سردية تنطوي على رغبة في التدوين و التوثيق للأحداث الواقعية، وظف الكاتب سردية مطلع الرواية على المونولوج الداخلي من خلال اختراق وعي البطلة ليلى واستنطاقه، وهي مطابقة إلى حد كبير بخاتمة الرواية التي تنهض أيضا على بنية سردية خطية ذات طابع مونولجي خلال وجهة نظر ليلى كذلك، مما يمنح هذين النصين ترابطا ويشعرنا بأننا أمام زمن روائي قصير ومحدد يقاس بالساعات، على الرغم من سيولته وامتداداته في الماضي والمستقبل، أفقيا وعمودياً، وهو أمر يعمق الإحساس بالبنية الدائرية للرواية.

يترك موت البطلة أو احتمال موتها أكثر من سؤال حول مبررات لجوء الروائيين احيانا إلى قتل أبطالهم المركزيين، وفيما إذ كان هذا الموت أو القتل إشارة إلى نشوء أزمة لا يمكن علاجها إلا بالموت. هل كانت قصة ليلى لا حل لها سوى هذه النهاية المأساوية!

ترى هل كل الروايات تبكي بعد أن تُكتب؟!! وهل هناك من يشعر بدموعها حينما تنزل من أحداق الحبر الذي أودعها في مقبرة الورق الأبدية!